كتبت / جهاد عادل
عام ٢٠١٧ تم توقيع برتوكول تعاون مشترك بين محافظة سوهاج وجمعية أصدقاء المبادرة القومية ضد السرطان ومؤسسة تروس مصر للتنمية وشركة مياه الشرب والصرف الصحى بسوهاج بمستشفى أطفال السرطان 57357 .
وبموجب هذا البرتوكول كان من المقرر أن يتم تنفيذ تغطية كل قري مركز اخميم بخدمة الصرف الصحى بنحو 14 قرية وتطوير ورفع كفاءة محطة معالجة الصرف الصحى بالكولة بتكلفة تقدر بحوالى مليار جنيه .
ومن الجدير بالذكر أن هذا البروتوكول كان بمثابة طوق النجاة لأهالي قرية الكولة بأخميم والتي تشبعت أراضيها بمياه الصرف نظرا لوجود محطة رفع ثنائية وليس ثلاثية يصب بها الصرف الصحي الخاص بقرى سوهاج داخل الكولة مع عدم استكمال الغابة الشجرية المقرر صرف المياه بها، ولكن توقف العمل بهذا الاتفاق بعد قيام مؤسسة تروس بصرف حوالي ٦٥ مليون جنيها لاستكمال مشروع الصرف الصحي بالقرية والذي تم استكمال حوالي ٨٠% منه ولم يتبق سوى ٢٠% فقط في انتظار أن تقوم الدولة المصرية باستكماله وتحويل محطة الرفع إلى محطة ثلاثية لانقاذ حوالي ٥٠ ألف نسمة من السكان تركو منازلهم التي اصبحت آيلة للسقوط وزراعتهم التي تهالكت وأصبح بركا من مياه الصرف ومستنقعات يملأها الباعوض والحشرات الناقلة للأمراض .
وعن ذلك يقول ” علي محمود شاهين، محامي ورئيس لجنة المشاركة المجتمعية بقرية الكولة بأخميم ” أن القرية تقع على بعد ٢٥ كم عن سوهاج، وعدد السكان بها حوالي ٥٠ ألف نسمة ويوجد بها محطة المعالجة لجميع أنحاء سوهاج، وأضاف (شاهين) أن الأزمة ظهرت عام ٢٠٠٠ بسبب محطة المعالجة لأنها ثنائية وليست ثلاثية مما تسبب في تشبع الأراضي بمياه الصرف وكان من المفترض أن تذهب المياه إلى غابة شجرية على مساحة ٥٠٠٠ فدان والتي لم يزرع منها سوى جزء ضئيل حتى الآن مما أدي إلى وصول المياه لكل جزء منخفض في القرية؛ وبالتحديد في نجع عمران حوض الساقية حيث تشبعت البلد بالمياه الجوفية مما أدى إلى هجرة السكان وترك منازلهم والقيام بالسكن بالإيجار الجديد كما تم تبوير ١٥٠ فدان كانت من أجود الأراضي الزراعية .
وأكد (علي شاهين)أن المشكلة تتلخص في نقطتين أساسيتين هما عدم اكتمال مشروع الصرف الصحي الذي بدأ بالقرية عام ٢٠١٩ وتم الانتهاء من ٨٠% من أعماله، وكذلك الانتهاء من المعالجة الثلاثية لمحطة المعالجة حتى تنتهي مشكلة المياه الجوفية بالقرية، وأضاف أن الإجراءات الروتينية والبطء في إنهاء المشكلة سيتسبب في كارثة إنسانية ستؤدي إلى تهجير السكان والقضاء على الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية بالقرية.
وأشار أن المشروع كان يسير تنفيذه بشكل منتظم عندما كان تمويله من جمعية تروس بالاشتراك مع مستشفى ٥٧ وعندما توقف التمويل تم إسناد المشروع لشركة مياه الشرب والصرف الصحي وبدأ المشروع في التوقف من حينها.
وفي نفس السياق يقول ( وليد حشمت، عضو لجنة المشاركة المجتمعية بالكولة) أن المشكلة الأساسية هي الصرف الصحي الذي تسبب في العديد من الأمراض بالقرية بالإضافة إلى ما خلفته محطة المعالجة من إغراق البلدة بالمياه الجوفية وما ترتب عليه أيضا من تلوث وأمراض وقال ” الكولة قرية بالظهير الصحراوي لأخميم وأقرب مستشفى وهي أخميم المركزي على بعد ١٥ كم، ومستشفى الجامعة على بعد ٢٠ كم وليس لدينا وحدة إسعاف وكذلك فإن الوحدة الصحية عبارة عن صرح كبير بالقرية ولكنه لا يوجد به حتى الطبيب ويقتصر عملها فقط على تنزيل المواليد وتنظيم الأسرة”.
وأكد (وليد) أن القرية أصبحت عبارة عن بركة من المياه الجوفية ولا يوجد حل جذري للمشكلة سوى وعود من المسئولين، وأضاف أن الأهالي تركت زراعاتها لأنها أصبحت غير صالحة للزراعة وتركوا مهنتهم كمزارعين وتوجهوا للعمل باليومية.
وقال إنه من ضمن الأمثلة على طريقة الحياة حاليا بالقرية أن منزل أحد جيرانهم مكون من طابقين الطابق الأول تم إغراقه بمياه الصرف ويستخدموا بعض الأخشاب حتى يستطيعوا الدخول للمنزل والعيش بالطابق الثاني والمنزل مثل باقي منازل القرية المتهالكة بفعل مياه الصرف معرض للانهيار في أي لحظة ولكن لا يوجد لديهم البديل.
ويقول ( أحد الأهالي) أنهم حتى في فصل الشتاء يقوموا بتشغيل (المراوح ) هربا من الناموس والحشرات، بالإضافة إلر الأمراض الجلدية والإصابة بالأمراض الأخرى؛ وأكد أن مياه الشرب بها رائحة وطعم غير طبيعي كريه لا يستطيع شخصا شم رائحتها ويقوموا باستخدام( الزير الفخار) لتنقية المياه؛ وأنه أصبح بالقرية أشخاص صغارا في السن مصابين بالفشل الكلوي.
وفيما يخص التكلفة يقول أنه هناك بعض المنازل تقوم ( بالنزح) صباحا ومساء وفي كل مرة سيارتين أو أكثر والمجلس ليس لديه امكانيات وكل ذلك على نفقة الأهالي والحالة المادية للأهالي اللذين يعملون باليومية لا تسمح لذلك لأنهم يتكلفون النزح، والتداوي لدى الأطباء الخاصة لعدم وجود مستشفى بالإضافة إلى سبل المعيشة الأخرى.
ويقول ( آخر ) أن قرية الكولة تم تقليص الأراضي الزراعية بها بداية من تخصيص العديد من الأفدنة التي قام الأهالي باستصلاحها على نفقتهم الخاصة لتكون مصدرا للاكتفاء الذاتي للأهالي وتخصيصها ضمن أخميم الجديدة، وتم إعادتها صحراء جرداء لبناء ( الأبراج السكنية عليها)، وحاليا أهلكت مياه الصرف الجزء المتبقي من الأراضي الزراعية للقرية مما يحتاج إلى إغاثة فورية من متخذي القرار بالدولة المصرية.
أما (فراج عبد الحافظ، موظف سابق بالوحدة المحلية ) أن مشكلة الكولة أن الأراضي ترشح مياه ارتوازية وتحتاج إلى صرف مغطى والأرض بها يتراوح المتر أكثر من ٣٠٠ جنيها وقد تم اختيارها في السابق ضمن أكثر القرى احتياجا، وأضاف أنه لابد من معالجة ثلاثية لأن استكمال مشروع الصرف الصحي لا ينهي الأزمة ولكن يحل ٤٠% فقط منها ولكن استكمال محطة المعالجة لتكون ثلاثية هو الحل.
وأخيرا إذا كانت الدولة المصرية تسعى حاليا لزيادة الرقعة الزراعية وتهتم بأحوال المزارعين وتدعم زراعات مهمة مثل القمح، إذا ما يحدث داخل قرية الكولة بالظهير الصحراوي لأخميم من تدمير للأراضي الزراعية بفعل مياه الصرف وتهجير الأهالي الذين تهالكت منازلهم لنفس السبب يعد جريمة في حق الدولة وحق الإنسانية ولابد من سرعة العمل على حلها لتدخل الكولة ضمن خطة الدولة في التنمية .